فأنا أرى أن الرومانسية جزء من المشاعر الإنسانية المحببة
طالما كانت ضمن حدود المعقول والمقبول ، هذا الشعور موجود في كل إنسان ولكن بنسب متفاوتة بين الرجل والمرأة حسب طبيعة كل منهما ، فلابد لنا أن نعترف أن جزئية العاطفة عند المرأة هي أقوى من الرجل ، وبالتالي فان تحسسها لهذه اللحظات الرومانسية يكون أقوى ، واسمحوا لي أن أسميها لحظات رومانسية لأن وقتها
لايدوم طويلا عادة ، فهي لحظات حالمة بمعنى أنها تخرج بالإنسان عن واقعيته خلالها فينسى التشنج والغضب والحزن أحيانا ، ويتناسى خلالها قلقه من أمور قد تكون مهمة وتشغل باله طوال الوقت ويستسلم راضيا لهذه اللحظات ، ثم يعود إلى واقعيته بعد خروجه من هذه اللحظات الرومانسية . والرومانسية تحتاج إلى شريك والى مكان والى أدوات ، فلا يمكن للإنسان أن يمارس شعوره الرومانسي لوحده وبمخيلته –إلا في حالات خاصة جدا وحسب شخصيته- كما أنه بحاجة لشريك ينسجم معه في هذا الجو الرومانسي ، وبحاجة إلى مكان وأدوات تساعد على تهيئة الجو الرومانسي وخلقه ، فلا يمكن لنا أن نعيش جوا رومانسيا في الأوتوبيس مثلا – إلا نادرا حتى لايخالفني أحد – وسأنتقل الآن إلى بعض الأمثلة : تخيلو معي أن عروسين حديثين عادا من عند الطبيب بعد بشرهما بقدوم مولودهما الأول ، ألستم معي بأن هذين العروسين سوف يعيشان كثيرا من لحظات الرومانسية بعد عودتهما للبيت وحديثهما عن المولود ؟ إن كان ذكرا ماذا سيسميانه أو أنثى ماسيكون اسمها ... ماذا سيلبسان المولود .. ماهو لون سريره .. وقد يصلان في جلسة واحدة إلى اختيار اختصاصه الجامعي.. واختيار طبيعة عروس المستقبل أيضا.... كذلك بعد ولادة المولود تخيلو معي كيف يقف الزوجان أمام سريره ينظران إليه وهو نائم .... أو يراقبان حركاته وهو يضحك ويلهو .. أليست هذه لحظات رومانسية ؟. وأيضا تخيلو معي أن الزوج يدخل المنزل بعد غياب يوم طويل وبيده وردة حمراء يقدمها لزوجته مع ابتسامة .. أليست لحظة رومانسية لكليهما ؟ . أنا أردت من خلال أمثلتي أن أبين أن هناك كثير من اللحظات الرومانسية نعيشها كلنا ولكن قد لايخطر ببالنا أن نسميها ، وليس مفروضا علينا أن نلبس رومانسيتنا لباسا غربيا حتى تكون رومانسية ، لسنا بحاجة إلى مطعم وأنوار خافتة وموسيقى هادئة دائما حتى نخلق الجو الرومانسي ، فهذا الجو يمكن أن نعيشه عفويا وبدون تخطيط وترتيب مثل الغربيين لأن طبيعة مجتمعنا تختلف عن طبيعة مجتمعهم والرومانسية طالما أنها من أصل مشاعر الإنسان فهي ليست حكرا على مجتمع بعينه دون آخر ، فالشعور واحد رغم اختلاف الأدوات . إذن الرومانسية موجودة في داخل كل منا ولكن بنسب متفاوتة ، وكلما كان الإنسان واعيا ومتحضرا أكثر فانه يفهم قيمتها ويعرف كيف يعيشها بالشكل الأمثل . وأخيرا ومن منطلق أن كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده فان الرومانسية قد تصبح مرضا نفسيا مضرا إذا زادت عن حدودها في داخل الإنسان حيث يمكن أن تجعله حالما مبتعدا عن واقعه ، فالشاب الحالم كثيرا لن يصبح رجلا ناجحا ، وكذلك الفتاة الحالمة كثيرا لن تصبح امرأة ناجحة في المستقبل .. التوازن حلو في كل شيء .